تعلمتواصل

كيف تبني قناة تسويق بالمحتوى لمنشأتك أو عملك أو علامتك التجارية؟

لعل أفضل الأساليب التسويقية التي بدأت في الانتشار في الفترة الأخيرة في العالم الرقمي بين كبيرات الشركات العالمية هو الاهتمام ببناء قنوات تسويق تعتمد على توفير المحتوى Content Marketing  كبديل عن قنوات التسويق التقليدية والإعلانات المباشرة. تتميز هذه القنوات بأنها تعتمد على التسويق غير المباشر من خلال تقديم محتوى ثري وذا قيمة وفائدة للعميل المتوقع. يتضمن هذا المحتوى مقالات وصور ومقاطع فيديو لها علاقة بمجال عمل الشركة لكنها لا تقدم دعاية مباشرة لها بل تحاول أن تكسب ثقة العميل من خلال تقديم منفعة له مرتبطة بالسلع والخدمات التي تقدمها الشركة.

الهدف من قناة المحتوى تلك ليس البيع بل اثارة اهتمام العملاء المرتقبين والمحتملين للسلعة أو الخدمة التي تقدمها الشركة أو المنشأة وجعلهم يعلمون عنها ويثقون بعلامتها التجارية مما سيمنح فرصة لتواصل أفضل معهم بعيدا عن مفاهيم التسويق التقليدية. تلك العلاقة هي من سيجعل العميل يقدم على شراء السلعة أو الخدمة فيما بعد بل ويكون عميلا مخلصا للعلامة التجارية. ونحن هنا لا نتحدث عن مجرد مدونة فيها الكثير من المقالات ومقاطع الفيديو بل نتحدث عن عمل احترافي له غاية واضحة وخطة عمل محددة وفريق تحرير متناسق حتى لا تسير الأمور بشكل عشوائي بل بطريقة ممنهجة ومنظمة.

ما هو المحتوى؟

المحتوى ليس مجرد نصوص أو كلمات أو صور أو مقاطع فيديو انما هو كل شيء يتعامل معه العميل ويتفاعل معه وجزء أساسي من عملية التسويق الابتكارية  فهو يمثل جولة العميل الكاملة في استخدامه لمنتجاتك وخدماتك بدءا من مرحلة ما قبل الشراء وحتى تحقيق الولاء الكامل. انه الوسيلة الأهم التي يمكنك من خلالها أن تتواصل فيها مع عملائك بشكل أفضل وتحكي من خلالها قصتك التي ستجذب انتباههم. قصة تأخذ العميل في جولة بين فوائد ومنافع الخدمات والسلع التي تقدمها.

وعندما نتحدث عن المحتوى في التسويق فنحن نتحدث أكثر عن ذلك المحتوى البطولي الملحمي Epic Content كما يسميه متخصصو التسويق. يتميز المحتوى الملحمي هذا بخصائص تميزه عن المحتوى العادي ليكون جاذبا ومناسبا للجمهور ومحركا لهم لفعل شيء ما. أهم تلك الخصائص:

  • أن يكون محتوى ذا فائدة للقارئ بحيث يشعر بأنه لا يمكنه أن يستغنى عنه في حياته اليومية وأن له تأثير مباشر عليها.
  • أن يكون مفصلا وعميقا بعيدا عن السطحية فالناس بحاجة لمعرفة متكاملة وليس مجرد معلومات عامة لا قيمة لها. لا نتحدث عن طول المقال أو مدة مقطع الفيديو بل نتحدث أكثر عن جودة المحتوى الذي يتم تقديمه للناس.
  • أن يستثير المحتوى عاطفة المتلقي سواء بالحزن أو الفرح أو الحماس أو الهمة أو نحو ذلك فيلهمهم في حياتهم وطريقة تفكيرهم ومستقبلهم، وهذا لا يمكن أن يحدث الا إذا تم التعامل مع المحتوى على أنه قصة لها بداية وحبكة ونهاية وهنا تكمن الصعوبة.
  • أن يكون محتوى فريد لا يوجد له مثيل في مكان أخر بذات الصفة والشكل وهنا لا نتحدث عن محتوى نادر او ابتكاري وان كان هذا هو الأفضل، لكن على الأقل أن يحمل المحتوى علامة خاصة بك سواء في طريقة السرد أو أسلوب الإخراج أو في القصة التي تستخدمها أو الرسالة التي ترسلها.
  • أن يكون للمحتوى هدف واضح فلا يكون مجرد معلومات يتم سردها دون غاية. الغاية هي ما تصل اليه في نهاية كل عنصر من عناصر المحتوى الذي يتم نشره والتي ترتبط بالغاية الكبرى التي دعت لبناء قناة المحتوى.
  • أن يجعل المحتوى حياة الناس أسهل وأبسط لا أن يعقدها أو يزيد مشاكلها. كلما ارتبط المحتوى بالحياة اليومية للناس كلما وصل بشكل أفضل وأسرع للجمهور المستهدف. ينبغي أن يعلمهم المحتوى كيفية القيام بالأشياء وحل المشاكل التي قد تعترضهم في حياتهم ويظهر لهم أسرارا خفيت عليهم.

مستويات المحتوى الذي ينبغي تقديمه في قناة المحتوى

ليس كل العملاء سواسية أمام أي شركة أو علامة تجارية فهناك من لا يعلم عنك ولا عن المشكلة التي قد تقوم بحلها عبر منتجك حتى لو كان يعاني من هذه المشكلة فعلا. وهناك من يعلم بالمشكلة ولا يعلم عنك أو يعلم عنك لكن لا يعلم كيف يحل مشكلته من خلال منتجاتك. لذلك فليس كل المحتوى الذي ينبغي توفيره بذات المستوى بل عليه أن يكون متنوعا ليخدم الجميع حتى تنجح في جذب جميع العملاء المرتقبين لك أيا كانت المرحلة التي هم فيها في علاقتهم مع علامتك التجارية.

لذلك فأنت أمام أربعة مستويات من المحتوى الذي ينبغي توفيرها عبر قناة المحتوى لخدمة جميع فئات العملاء المرتقبين لمنتجك:

  • المحتوى الذي يعّرف الناس بالمشكلة التي يعمل منتجك أو خدمتك على حلها وذلك لمن لا يعرفون عنك أو عن المشكلة التي تقوم بحلها وهدفك هنا أن تجذب انتباه الناس إليك من خلال تعريفهم بالمشكلة. يتميز هذا المحتوى بأنه يتحدث عن الأساسيات والمبادئ ليعرف الناس بطيعة المجال الذي تعمل فيه علامتك التجارية وأهميته بالنسبة لهم.
  • محتوى يساعد الناس على حل المشكلة التي يعمل منتجك على التعامل معها وذلك للجمهور الذي يعلم عن المشكلة التي يعاني منها لكنه لا يعرف كيف يكون الحل. هنا أنت بحاجة الى محتوى تفصيلي أكثر ومتقدم يخوض في جزئيات لها علاقة بالمشاكل والحلول التي ترتبط بعلامتك التجارية.
  • محتوى يساعد الناس على تطبيق الحل الصحيح لمشاكلهم التي يعمل منتجك على التعامل معها وذلك للجمهور الذي هو على دراية بالمشكلة وحلها لكنه يفتقد الكيفية. وهنا أنت ملزم بتقديم محتوى يشرح خطوات العمل والتنفيذ بشكل عملي سواء عبر المقالات التفصيلية أو مقاطع الفيديو التي تشرح أليه العمل.
  • محتوى يساعد الناس على التصرف واتخاذ القرار لحل المشكلة التي يعانون منها وذلك للجمهور الذي هو على دراية بالمشكلة والحل وكيفية تطبيقه لكن ينقصهم التصرف واتخاذ القرار. وهنا ستتحدث عن منتجاتك بشكل أوضح لتساعد الناس على اختيار ما يناسبهم منها في حياتهم اليومية.

كل تلك المستويات من المحتوى ينبغي أن تتوافر في قناة المحتوى بأشكال مختلفة لتلبي كافة أنواع العملاء المرتقبين. هذا سيساعد على تنمية وتطوير العمل لديك على المدى القصير والبعيد وبناء علاقة حقيقية مع أكبر عدد ممكن من العملاء.

خطوات بناء قناة التسويق بالمحتوى

حتى تنجح في بناء قناة تسويق بالمحتوى فلابد أن تمر بالخطوات التالية على الأقل:

  • حدد هدفك من قناة المحتوى التي تريد بناءها وإلى أين تريد أن تصل من خلالها فهذا ضروري لأنك من خلال ذلك ستعرف تماما ما هي الرسالة التي ستعمل على إرسالها لعملائك عبر قناة المحتوى. ينبغي أن يكون الهدف بعيدا كل البعد عن الربح المادي المباشر بل ينبغي التركيز على هدف غير مالي أو ربحي يعمل على جذب العملاء لمنتجك وخدمتك وكلما كان هذا الهدف مرتبط بحياة الناس اليومية كلما كان أفضل. فمثلا قد تعمد شركة سياحة الى توفير محتوى لتسهيل سفر الناس الى الأماكن السياحية. فهي تمدهم بالمعلومات اللازمة لهم في سفرهم وفي ذات الوقت تدعم برامجها السياحية. بالطبع أنت بحاجة للبحث والنقاش حتى تصل الى هذا الهدف بشكل دقيق فلابد أن تكون على دراية بمن تستهدف بالمحتوى الذي تريد نشره وطبيعة المنتجات والخدمات التي تقدمها ومكانة العلامة التجارية التي تملكها في السوق.
  • حدد الجمهور المستهدف من قناة المحتوى التي تريد إنشائها. فطبيعة الجمهور هي من سيحدد شكل المحتوى الذي سيتم إيصاله. عليك أن تعلم تماما ان كنت تتوجه للشباب أم رجال الأعمال أو ربات البيوت أو أنك متوجه للأطفال أو أمهاتهم أو إلى الآباء أو إلى كبار السن. كل فئة لها طبيعة معينة والمحتوى الذي يناسبها. لذلك عليك أن تعلم تماما من هي الفئة التي ستخدمها أكثر عبر قناة المحتوى.
  • حدد طبيعة وشكل المحتوى الذي تريد نشره اعتمادا على للجمهور المستهدف أو الهدف الذي تم وضعه. وهنا عليك أن تختار بين المقالات المكتوبة والقصص والصور ومقاطع الفيديو الذي تحكي منافع مرتبطة بالسلع التي تقدمها أو شهادات لعملائك أو دراسات حالة لها علاقة بالخدمة التي توفرها أو ألعاب في حال كنت تستهدف الأطفال أو الشباب أو مقاطع سمعية تحوى مقابلات وحوارات أو انفوجراف يصف الوضع أو المشكلة. كل هذه أنواع وأشكال للمحتوى يمكن أن تحتويها قناة المحتوى لكن من الأفضل التركيز على شكل واحد فقط خصوصا في البداية فتكاليف بناء المحتوى مرتفعة ولا يمكن الجمع بين أكثر من شكل الا بميزانيات ضخمة، ركز أكثر على شكل المحتوى الذي يمكن أن يصل أكثر الى الفئة التي تستهدفها ولا مانع من أن يصاحب الشكل الرئيسي أشكال أخرى بدرجة ثانوية كأن يحتوي المقال المكتوب مقطع فيديو مثلا.
  • قم ببناء مكتبة بالمحتوى الذي ستبدأ به وهذا قد يتطلب منك شراء محتوى نصي أو مرئي أو سمعي من الأخرين لإعادة استخدامه في قناة المحتوى الخاصة بك أو يمكنك التعاون مع محررين ومصممين لتكوين المحتوى المستهدف ان لم تستطع أن تجد ما تحتاجه في السوق وقد تلجأ لكلا الأمرين معا. لا تبدأ بالنشر قبل أن يكون لديك مخزون جيد من المحتوى الجاهز لأن هذا ما سيدفع الناس لزيارة قناة المحتوى الخاصة بك وبناء علاقة معها عند بدء العمل.
  • أسس الموقع الإلكتروني الذي سيمثل قناة المحتوى بالنسبة لشركتك بحيث يأخذ هذا الموقع اسما وشعارا مختلفا مرتبط أو غير مرتبط بعلامتك التجارية. كن بسيطا في تصميم موقعك بما يناسب جمهورك وابتعد فيه تماما عن التسويق المباشر لشركتك أو لعلامتك التجارية وحاول أن تبني من خلاله مجتمع إلكتروني متكامل ان استطعت الى ذلك سبيلا. يمكنك أن تستخدم الووردبريس لتحقيق ذلك نظرا للكم الهائل من القوالب التصميمة والبرمجيات الجاهزة التي ستساعدك على البدء والتنفيذ بسرعة أكبر وتكلفة أقل.
  • أبدأ بنشر المحتوى الذي حصلت عليه عبر الموقع و اعمل على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والإعلان الإلكتروني لتحقيق أكبر مشاهدة ممكنه للوصول الى الجمهور الذي تستهدفه. أهتم بالكلمات المفتاحية التي تستخدمها في كل عنصر من عناصر المحتوى الذي يتم نشره ليصل المحتوى الخاص بك الى محركات البحث فهي الطريق الأساسي لوصول الناس اليك. وتأكد أنك إذا قدمت محتوى متميز وملائم للجمهور فقد بدأت طريق النجاح.
  • أعمل على الاستمرار في نشر المحتوى بشكل دوري وهنا قد تلجأ لبناء فريق عمل خاص بك لكي تنجح في تحقيق ذلك. أنت بحاجة لنشر محتوى جديد كل يوم حتى تتمكن من تحقيق الحد الأدنى من النجاح. ينبغي أن يتكون فريق العمل من محررين ومصممين وإداريين وبعدد يتناسب مع حجم قناة المحتوى والفئة التي تستهدفها.
  • أعمد إلى استخدام الرسائل الإخبارية وحث الناس على المشاركة فيها فهي الطريق لبناء شبكة من العملاء المحتملين لمنتجك وخدماتك. حاول أن ترسل لمن يشترك معك رسالة إخبارية بشكل يومي أو أسبوعي وقدم لهم من خلالها محتوى أخر غير الموجود على الموقع أو قدم ذات المحتوى بطريقة أخرى حتى يشعر المشتركون بالتميز.
  • إذا بدأت بتحقيق النجاح وأصبح الجمهور مرتبط ومحب لما تقدمه لهم يمكنك حينئذ أن تبدأ بنشر محتوى خاص بك أكثر له علاقة مباشرة بمنتجاتك وخدماتك لكن أحذر من أن تخسر ما وصلت إليه إن غلب الإعلان على هذا المحتوى. ينبغي أن يستمر محتواك في ذات النهج في مساعدة الناس وتقدم الفائدة لهم دون ترويج مباشر.
  • استمر ولا تتوقف فهذه عملية مستمرة ستؤدي الى استمرار تدفق العملاء عليك بشكل مستمر دون توقف وستندهش من حجم النجاح الذي حققته نتيجة هذا الاستثمار. قد تحتاج الى سنة أو سنتين حتى تصل الى نتائج ملموسة لكنها ستكون نتائج مذهلة.

وأخيرا….ليكن المحتوى داعما لعلامتك التجارية

لقد مل الناس من تلك الإعلانات التجارية التي أصبحت عامل إزعاج لهم ولم تعد تلك الميزانيات الضخمة التي يتم صرفها على وسائل التسويق التقليدية تعطي نتيجة مناسبة لما يتم صرفه. لذلك أصبح وجودة قناة تسويق بالمحتوى كجزء من التسويق الرقمي لأي علامة تجارية أمرا ضروريا بل وملحا خصوصا ونحن نعيش في العالم الرقمي الذي تتدفق فيه المعلومات من كل حدب وصوب. وجود قناة محتوى لأي شركة أو منشأة حكومية كانت أو خاصة هو جزء أساسي من عملية التحول الرقمي لا تقل أهمية عن أتمتة الأعمال أو تطويرها. إن كان لديك أي إضافة أو تساؤل أو احتجت للمزيد عن بناء قنوات التسويق بالمحتوى فلا تتردد بالتعقيب أو التواصل معنا أو طرح سؤالك.

اشترك في نشرة تَعلُم الرقمية

العالم الرقمي يتغير باستمرار ونحن بحاجة لأن نكون على اطلاع دائم فاشترك معنا ليصلك كل ما يمكن أن يساعدك في رحلتك نحو التحول الرقمي سواء في العمل أو التعليم أو التواصل.

د/عماد سرحان

إستشاري ومتخصص في المعلوماتية وإدارة المعرفة وتطوير المحتوى بخبرة تزيد عن 24 عاما. حاصل على درجة الدكتوراه والماجستير في نظم المعلومات ووهو مدير مشاريع معتمد من معهد إدارة المشاريع PMP وممارس معتمدا لأتمتة الأعمال ومحترف معتمد في إدارة المعلومات CIP من هيئة إدارة المعلومات في الولايات المتحدة الأمريكية AIIM ومؤلف كتاب “سر النجاح في بناء وتأسيس المواقع الإلكترونية” الصادر عام 2012 عن دار العبيكان للنشر في المملكة العربية السعودية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *