أعمالنقاش

ما هو حجر الأساس في بناء المنتجات الناجحة؟

هل تعلمون ما هو الأساس الحقيقي في بناء منتجات ناجحة؟ انه فريق العمل. قد تبدو الإدارة المالية أو التكنولوجيا المتطورة أو حتى فكرة المنتج نفسها عناصر جاذبة للنجاح، لكن الحقيقة أن الفريق هو المحرك الحقيقي الذي يحوّل الأفكار إلى واقع ملموس. الشركات التي تعتمد على فرق مبتدئة أو قليلة الخبرة لتوفير التكاليف تُخاطر بفشل منتجها، حتى لو بدا الفريق قادراً على تنفيذ المهام المطلوبة. الفرق بين النجاح والفشل لا يرسمه “ماذا” نصنع، بل “مَن” يصنع.

وهم التوفير

تلجأ بعض الشركات إلى توظيف فرق ذات خبرة محدودة اعتقاداً بأنها توفر المال، لكن هذه الاستراتيجية غالباً ما تتحول إلى كلفة خفية أعلى على المدى الطويل. فالفريق قليل الخبرة قد ينفذ المهام وفقاً للمتطلبات الأساسية، لكنه يفتقر إلى:

  • القدرة على توقع المشكلات قبل وقوعها.
  • الخبرة في اتخاذ القرارات المعقدة تحت الضغط.
  • الفهم العميق لاحتياجات العميل التي لا تُكتشف إلا عبر سنوات من التفاعل مع السوق.

على سبيل المثال، قد ينجح المبتدئ في كتابة كود برمجي يعمل، لكنه لن يلاحظ الثغرات الأمنية التي يكتشفها المطور الخبير من نظرة واحدة. النتيجة؟ منتجٌ يعاني من أعطاب متكررة، أو يفشل في جذب العملاء بسبب غياب اللمسة الإبداعية التي تأتي من الخبرة المتراكمة.

المناصرون و المنفذون: معادلة الشغف والالتزام

الفرق بين الفريق الذي يبني منتجاً ناجحاً وآخر ينتج شيئاً “ما” يكمن في طبيعة الأفراد: هل هم مناصرون للمنتج أم منفذون للمهام؟

– المناصرون:

هم أفراد يؤمنون برؤية المنتج ويعتبرونه جزءاً من هويتهم. يسألون أنفسهم: *كيف يمكن تحسين هذه الميزة؟ ما الذي يحتاجه العميل حقاً؟* يعملون بحماس، ويقدّمون حلولاً غير تقليدية، ويتحملون المسؤولية كأن المنتج ملكهم الشخصي.

هم مستعدون لاقتراح أفكار غير تقليدية، و

تحمّل المخاطر لضمان نجاح المنتج. لديهم شغف داخلي يدفعهم للعمل بجدية، حتى في أصعب الظروف. إنهم شركاء في الرحلة، لا مجرد موظفين.

– المنفذون:

يؤدون المهام المطلوبة بدقة، لكنهم لا يرون أبعد من قائمة المهام اليومية التي يطلب منهم تنفيذها. هدفهم إغلاق “المهمة” دون اكتراث بأثرها على المدى البعيد. هم كالنجار الذي يُصلح الكرسي دون اهتمام بمن سيجلس عليه.

التحدي الأكبر هنا هو أن المناصرين لا يمكن الحصول عليهم بسهولة. لا يمكنك جذبهم بمجرد راتب مرتفع أو مزايا مادية؛ هم يبحثون عن مشروع يثقون به، وقائد يلهمهم، ورؤية واضحة تجعلهم شركاء في الرحلة، لا موظفين فقط.

الرؤية الواضحة: الشرط الأساسي لبناء فريق من المناصرين

حتى يصبح الفريق مناصراً للمنتج، يجب أن تكون هناك رؤية مشتركة تجيب على أسئلة جوهرية:

– لماذا نطور هذا المنتج؟

– ما القيمة الفريدة التي سيقدمها للعالم؟

– كيف سيغير هذا المنتج حياة الناس؟

بدون هذه الرؤية، حتى لو كان الفريق مكوَّناً من خبراء، سيصبح أداؤه ميكانيكياً لا طعم فيه ولا رائحة.

الرؤية هي التي تحوّل العمل من “تنفيذ أوامر” إلى “مهمة ذات معنى”. على سبيل المثال، لم يكن فريق تطوير **آيفون** مجرد مبرمجين ومصممين، بل كانوا مؤمنين بفكرة “إعادة اختراع الهاتف”. هذا الإيمان هو ما دفعهم للعمل 80 ساعة أسبوعياً، وتحويل التحديات إلى فرص.

القيادة الملهمة: الجسر بين الرؤية والواقع

لا تكتمل الرؤية دون قائد ملهم قادر على ترجمتها إلى خطوات عملية، وتحفيز الفريق لتحقيقها. دور القائد هنا ليس إصدار الأوامر، بل بناء جسر من الثقة والتعاون بين أعضاء الفريق، وجعل الرؤية محور كل قرار. القائد الناجح هو من يُذكّر فريقه دوماً بـ “المستخدم” الذي يصنعون المنتج من أجله، ويوجّه طاقاتهم نحو حل مشاكله الحقيقية.

للأسف، تهمل العديد من الشركات هذا الدور الحيوي، ظنّاً منها أن القيادة “رفاهية إدارية” أو “عبء مالي”، لكن غياب القائد الملهم يؤدي حتماً إلى تفكك الفريق: يفقد الأعضاء الحماس، ويغيب التعاون، وتصبح المهام مجرد قوائم مهام تُنجز بلا روح. بينما تظهر الدراسات أن الفرق التي تتمتع بقيادة قوية تُسجّل معدلات إبداع أعلى مقارنة بالفرق التي تفتقر إليها.

الاستثمار في الكفاءات: قرار استراتيجي وليس تكلفة

الاستثمار في المناصرين يعني بناء فريقٍ يمتلك روح الملكية (Ownership)، حيث يشعر كل فرد بأن المنتج “مِلكه”، فيحرص على تطويره كما يحرص الأب على تربية ابنه. هذه الروح لا تُشترى بالرواتب، بل تُبنى بالتمكين والثقة والمشاركة في صنع القرار.

الاعتقاد بأن توظيف المناصرين مكلف هو نظرة قاصرة. الحقيقة أن التكلفة الحقيقية تكمن في الفشل.

– فريق المناصرين قد يطلب رواتب أعلى، لكنه يقلل من احتمالية الأخطاء المكلفة، ويختصر وقت التطوير، ويضمن جودة تجذب العملاء.

– في المقابل، الفريق المنفذ قد يبدو “اقتصادياً”، لكن تكاليف إصلاح أخطائه، أو إعادة تطوير الميزات، أو حتى خسارة العملاء، ستكون أعلى بمراحل.

فريق العمل ليس مجرد “موارد بشرية”، بل هو الروح التي تُنْتِج

بناء منتج ناجح لا يحتاج إلى فكرة عبقرية فحسب، بل إلى فريق استثنائي يمتلك الخبرة العميقة ويعمل بروح المناصرين، فتحوّل العمل إلى شغف. الشركات التي تدرك هذه المعادلة لا تبحث عن “موظفين”، بل عن شركاء في الرؤية. قد يكون بناء هذا الفريق مكلفاً ويستغرق وقتاً، لكنه الاستثمار الوحيد الذي يضمن أن منتجك لن يكون مجرد سلعة في السوق، بل حلاً استثنائياً يترك أثراً. تذكّر:المنتج الناجح يُبنى بأيدي أناس يرون المستقبل. يمكنك التواصل أو  الحصول على المزيد من المعلومات.

اشترك في نشرة تَعلُم الرقمية

العالم الرقمي يتغير باستمرار ونحن بحاجة لأن نكون على اطلاع دائم فاشترك معنا ليصلك كل ما يمكن أن يساعدك في رحلتك نحو التحول الرقمي سواء في العمل أو التعليم أو التواصل.

د/عماد سرحان

إستشاري ومتخصص في المعلوماتية وإدارة المعرفة وتطوير المحتوى بخبرة تزيد عن 24 عاما. حاصل على درجة الدكتوراه والماجستير في نظم المعلومات ووهو مدير مشاريع معتمد من معهد إدارة المشاريع PMP وممارس معتمدا لأتمتة الأعمال ومحترف معتمد في إدارة المعلومات CIP من هيئة إدارة المعلومات في الولايات المتحدة الأمريكية AIIM ومؤلف كتاب “سر النجاح في بناء وتأسيس المواقع الإلكترونية” الصادر عام 2012 عن دار العبيكان للنشر في المملكة العربية السعودية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *