أعمالتَعلُمتعليم

من يملك رؤية…. يملك المستقبل

لطالما تحدثت طوال خبرتي العملية عن أهمية الرؤية خلف أي عمل أو مشروع أو مبادرة لكن أحدا لا يهتم. فالشركات تكتفي بوضع جملة واحدة تعبر عن رؤيتها وذلك لأغراض تسويفية ولتضمنها ملفها التعريفي فقط. أما العملاء فيعمدون الى تنفيذ المشاريع دون وجود رؤية أصلا، فقط لتلبية حاجة قد لا تكون واضحة في أغلب الأحيان.

الرؤية التي جاءت بها المملكة العربية السعودية مؤخرا تعتبر نموذجا يحتذى به في بناء أي رؤية حقيقية. فهناك أهداف واضحة تركز على نقاط القوة التي تتمتع بها المملكة، وهناك أدوات ووسائل تم تحديدها لتحقيق تلك الأهداف. وهناك أيضا مؤشرات أداء مستهدفة مدعومة بأرقام يمكن القياس عليها بوضوح. فماذا تحتاج أي رؤية أكثر من ذلك.

نعم…ينبغي أن يكون لكل شركة أو منشأة أو عمل خصوصا الشركات والأعمال الكبرى والمتوسطة رؤية واضحة بأهداف ووسائل ومؤشرات أداء محددة بحيث ترتبط كل المشاريع والمبادرات والأعمال التي تقوم بها الشركة بهذه الرؤية. فلا يمكن تنفيذ مشروع أو أتمتة إجراء عمل أو فتح قسم ما الا ان يكون مرتبطا بالرؤية العامة للشركة، وهذا ما ليس متوفرا في اغلب شركاتنا العربية.

فالعمل الذي يتم تنفيذه لا ينبغي أن ينحصر بأهداف ضيقة مرتبطة بوقت معين أو اشخاص معينين. ينبغي أن يكون للعمل أهداف بعيدة المدى لأن ذلك الهدف هو ما يشجع على العمل والابتكار وبذل أقصى جهد بغية تحقيقيه. حتى في التعليم، فإن وضعت رؤية محددة للطالب في دراسته أو في المقرر الدراسي الذي يدرسه فإن أي نشاط تعليمي مرتبط بهذه الرؤية سيكون مجديا أكثر وواقعي بعيدا عن التنظير.

ولتعمد الى بناء رؤية لعملك أو شركتك عليك أن تدرس أربع عناصر أساسية تتعلق بعملك وهي الفرص المتاحة والتهديدات القائمة وعوامل القوة ونقاط الضعف، وهذا ما يبدو أنه تم عند وضع الرؤية السعودية لعام 2030. فقد ركزت رؤية المملكة على استغلال المعادن الأخرى غير النفط والسياحة خصوصا من المعتمرين والعنصر البشرى السعودي وغير السعودي المتواجد في المملكة والعمق الجغرافي للمملكة ونحو ذلك من عناصر القوة. وقللت من الاعتماد على النفط باعتبار أن انخفاض سعره يمثل  تهديدا للمملكة. واعجبني كثيرا تحويل مشاريع غير مجدية الى مشاريع مجدية تساهم في تحقيق تلك الرؤية كما حدث مثلا مع نية تحويل مركز الملك عبد الله المالي بالرياض الى منطقة خاصة مفتوحة للجميع من داخل وخارج المملكة.

تلك هي الاستراتيجية، وهذا مثال حي عليها. فما المانع أن يكون لشركاتنا العربية رؤية واضحة كهذه. حدد عوامل قوتك واستغلها ونقاط ضعفك وتجنبها وانظر الى الفرص من حولك واقتناصها والى التهديدات التي تحيط بك وقلل من خطرها أو حولها الى فرص.

وما المانع بأن يكون لنا نحن ولأولادنا ولطلابنا رؤية واضحة تحركنا.

إن من يملك رؤية مشتركة وواضحة يملك المستقبل. الرؤية هي المحرك الأساسي للابتكار والتطور والعمل الجاد لأي عمل.

اشترك في نشرة تَعلُم الرقمية

العالم الرقمي يتغير باستمرار ونحن بحاجة لأن نكون على اطلاع دائم فاشترك معنا ليصلك كل ما يمكن أن يساعدك في رحلتك نحو التحول الرقمي سواء في العمل أو التعليم أو التواصل.

د/عماد سرحان

إستشاري ومتخصص في المعلوماتية وإدارة المعرفة وتطوير المحتوى بخبرة تزيد عن 24 عاما. حاصل على درجة الدكتوراه والماجستير في نظم المعلومات ووهو مدير مشاريع معتمد من معهد إدارة المشاريع PMP وممارس معتمدا لأتمتة الأعمال ومحترف معتمد في إدارة المعلومات CIP من هيئة إدارة المعلومات في الولايات المتحدة الأمريكية AIIM ومؤلف كتاب “سر النجاح في بناء وتأسيس المواقع الإلكترونية” الصادر عام 2012 عن دار العبيكان للنشر في المملكة العربية السعودية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *