تواصل

القهوة خمرة العرب – ما تحتاج أن تعرفه عن أربيكا

في العالم الرقمي الذي نعيشه، حيث الأفكار تولد على شاشات الحواسيب والاجتماعات تُعقد عبر ضغطة زر، تظل القهوة المشروب الأهم. هي ليست مجرد جرعة من الكافيين تمنحنا اليقظة، بل هي طقس يومي يربط بين الإلهام والعمل، بين الفكرة والمشروع. في مقاهي المدن الصاخبة أو على طاولات العمل المشتركة، تتشكل حول فنجان القهوة شراكات جديدة، تُحسم صفقات، وتُرسم ملامح المستقبل الرقمي. إنها المشروب الذي يجمع بين عالم الأعمال السريع الإيقاع وروح الابتكار الهادئة، لتصبح القهوة لغة مشتركة بين المبدعين وأصحاب الرؤى.

القهوة في الثقافة الرقمية

مع انتشار العمل عن بُعد وثقافة “الديجيتال”، أصبحت القهوة جزءا من الهوية اليومية للعاملين في العالم الرقمي. من مقاهي بالي في إندونيسيا إلى مساحات العمل المشتركة في برلين ودبي،  القهوة توحد لغة المبدعين عبر الحدود. حتى في الاجتماعات الافتراضية، كثيرا ما يبدأ الحديث بجملة: “هل جهزت قهوتك؟”، وكأنها إشارة للانطلاق.

أظهرت دراسات أن القهوة لا تمنحك اليقظة فقط، بل تحفز مناطق الإبداع في الدماغ، وتزيد من سرعة معالجة المعلومات. لهذا، كثير من المبرمجين، ةالمصممين، والمديرين التنفيذيين يعتبرونها “الوقود الإبداعي” الذي يساعدهم على إيجاد حلول مبتكرة في وقت قياسي.

ولا عجب أن الكثير من رواد الأعمال يفضلون أن يكون اللقاء الأول مع شريك محتمل أو مستثمر في مقهى. الأجواء الودية تكسر الحواجز، وتفتح المجال للحوار الصريح بعيدًا عن الرسميات المفرطة. فنجان القهوة هنا ليس مجرد ضيافة، بل هو بداية قصة تعاون قد تمتد لسنوات.

القهوة وما أدراك ما القهوة

القهوة ليست مجرد رشفة توقظ الحواس، بل لحظة يعيد فيها الإنسان ترتيب فواه الداخلية. هي بداية الأبجدية، ونافذة صغيرة على العالم، ولحظة صفاء وسط ضجيج الحياة. 

مثلما قال محمود درويش:

وحيداً أصنع القهوة وحيداً أشربُ القهوة.

فأخسر من حياتي الآخرين .. أخسر النشوة ..!!

القهوةُ لونُ الأرض، رائحةُ الأرض بعد بعد أول مطر، في اول الفجر.

القهوة لا تُشرب على عجلٍ

القهوةٌ أخت الوقت تُحْتَسى على مهلٍ وتصنعُ على مهلٍ

القهوة صوت المذاق، صوت الرائحة البني

القهوة تأمّلٌ وتغلغل في النفس وفي الذكريات ..

القهوة هي هذا الصمت الصباحي الباكر المتأني.

القهوةُ أنثى وحيدة: القهوةُ هي الوحيدة التي تقف فيه وحدك مع ما تختاره بكسل وعزلة،  وفي ‏سلام مبتكر مع النفس والأشياء، وتسكبه على مهل في إناء نحاسي صغير وداكن وسري اللمعان، أصفر مائل إلى ‏البني ثم تضعه على نار خفيفة ، آه لو كانت نار الحطب.‏

القهوة أصلها عربي

قد لا يعلم الكثيرون بأن القهوة التي نشربها أيا كان كان نوعها أو مصدرها سوا كانت قهوة عربية أو تركية أو أمريكية, هي في الأصل منتج عربي أصيل صدرناه للعالم بأسره على مر القرون الماضية، فأبدع فيه الأخرون أكثر مما فعلنا ونسينا أننا العرب والمسلمون لنا الفضل الأول في هذا المنتج بما حبانا الله به من نعمة.

أصبحنا نصدر أجود أنواع القهوة من أراضينا العربية والإسلامية كاليمن وأثيوبيا وأندونيسيا ونستورد أسوأها من البرازيل معتقدين أنها الأجود.

لقد أكرم الله العرب ببديل عن الخمرة المحرمة من خلال نبتة القهوة حيث أشارت الأبحاث الى أن تأثير القهوة يعادل تماما تأثير الخمرة باستثناء أنها لا تذهب العقل.

رحلة بن القهوة العربية

لقد ظهرت نبتة البن أول ما ظهرت في اليمن أو أثيوبيا -حيث اختلفت الآراء حول ذلك- وذلك في فترة ما من القرن التاسع الميلادي فعشقها العرب واعتبروها مشروبهم الأول بلا منازع وسحر بها كل من تذوقها.

ثم احتضنتها الدولة العثمانية أبان حكمها للعالم الإسلامي ومنعت تصدير نبتها للعالم سعيا لاحتكار سرها. 

لكن تم تهريبها إلى الخارج فكانت أندونيسيا في آسيا وإيطاليا في أوروبا أول من استقبلها وذلك في حدود القرن الخامس عشر الميلادي ثم انتشرت بعد ذلك في بقية دول أوروبا ثم الأمريكتين وأصبحت المشروب المفضل عند كثير من الشعوب حول العالم وعشقها وتفنن في تحضيرها الكثيرون.

أرابيكا 

مصطلح “البن العربي” أو “أرابيكا” يطلق على كل البن الأصيل ذا الرائحة والطعم المميز الذي يتم زراعته في المناطق الجبلية تحت المطر وأشعة الشمس ويحصد يدويا، وهو المختلف عن البن التجاري “الوريستا”  الذي يزرع في بيوت محمية ويحصد آليا والتي تأتي منه  القهوة التجارية والقهوة سريعة التحضير المنتشرة بين أيدي الناس.

الجيد في الأمر أن البن العربي –أرابيكا- يمثل 75% من حجم الإنتاج العالمي للبن ويقدر حوالي 10% من هذا الإنتاج بأنه بن متميز ذو نكهة ورائحة خاصة جدا. ويعتبر بن ارابيكا بشكل عام عالي التكلفة. 

وتزرع نبتة البن العربي في ثلاث مناطق رئيسية في العالم: ويختلف مذاق البن في كل منطقة من تلك المناطق سواء في الطعم أو الرائحة أو اللون، مما زاد سحر القهوة في العالم. فرغم أنها ذات النبتة إلا أنها تختلف عناصرها بحسب مكان زراعتها.

 وأهم تلك المناطق:

-المنطقة العربية والأفريقية التي تتركز باليمن وفي كل من يورجاكيميا وسدامو وهرار في أثيوبيا حيث تنتج هذه المناطق الأربعة أفضل أنواع البن العربي الأصيل والذي يميل إلى الحلاوة في التذوق.

-منطقة أندونيسيا والتي تتركز في أكثر من 10 مناطق أندونيسية مختلفة تزرع أفضل أنواع البن قليل الحموضة في العالم وأهم هذه المناطق جاوا وسومطرة وسالومي.

-منطقة أمريكا اللاتينية والتي تزرع أكبر كمية من البن الهجين عالي الجودة ذو النكهات المختلفة وأشهر تلك المناطق جامايكا وكولومبيا وكوستاريكا وبنما.

ويمكنك أيضا من خلال الخلط بين نوعين أو ثلاثة من نبتة البن من أن تحصل على طعم ورائحة مختلفة فمثلا من اشهر الخلطات المعروفة والتي إبتدعها الإيطاليون الخلط بين بن اليمن (الموكا) وبن جاوا (الجافا) بحيث تجمع هذه الخلطة بين حلاوة المذاق في بن الموكا وقوة النكهة في بن الجافا.

أما القهوة البرازيلية التي يعتقد البعض في عالمنا العربي أنها أجود أنواع القهوة فهي في غالب الأمر قهوة الوريستا تجارية رخيصة الثمن. فالبرازيل تعتبر أكبر منتج للبن التجاري في العالم والذي يستخدم على نطاق واسع في تصنيع القهوة الجاهزة سريعة التحضير والبن التجاري الرخيص نظرا للتكلفة المنخفضة التي تقل بأكثر من النصف عن القهوة العربية الأصل كما يستخدم في عالمنا العربي على نطاق واسع في تحضير القهوة التركية لأننا نعتمد في الحصول على مذاق القهوة على كثرة البن الذي يتم وضعه في الفنجان الواحد وليس على جودة البن أو التحضير.

تحضير كوب القهوة

تعتبر طريقة تحضير القهوة الأرببكا أحد أهم عوامل جودتها إضافة إلى المنطقة الزراعية القادمة منها فعملية التحميص والطحن والتقطير يجب أن تتم بطريقة تسمح باستخلاص أفضل مذاق ممكن للقهوة.

لقد أبدع الغرب في تحضير القهوة فلم يستممروا على ما كان عليه العرب أو الأتراك في طريقة التحضير بل إخترعوا الأجهزة المختلفة التي تعمل على تقطير القهوة بشكل يتم من خلاله الحصول على أفضل نكهة كما الحال مع آلات الإسبرسو التي أحدث نقلة نوعية في التحول من الأسلوب التقليدي الذي كان متبعا في تقطير القهوة عند الأتراك إلى أسلوب أكثر إبداعا في التخلص من “تفل” القهوة والحصول على كوب قهوة نقي وخالي من الكافيين.

فنتج عن ذلك كل أنواع القهوة التي نراها اليوم في محلات القهوة كـ أمريكا نيو ولاتيه والكابتشينو وغيرها. مع استمرار العرب والأتراك على ذات الطريقة التقليدية في على القهوة مع الماء واضافة الهيل إليها للتقليل من تأثير الكافيين.

تجنب استخدام القهوة سريعة التحضير فلها من الضرر الكثير

أهم أنواع أكواب القهوة

أنواع القهوة التي يتم تحضيرها اعتمادا على استخدام آلة الاسبرسو:

  1. إسبريسو (Espresso)

الأساس لكل المشروبات الأخرى. قهوة مركّزة تُقدَّم في فنجان صغير، بطعم قوي ونكهة غنية.

  1. دوبل إسبريسو (Doppio)

جرعتان من الإسبريسو في فنجان واحد، لعشاق القهوة القوية.

  1. أمريكانو (Americano)

إسبريسو يُخفف بالماء الساخن، طعمه أخف من الإسبريسو لكنه محافظ على النكهة.

  1. لاتيه (Caffè Latte)

إسبريسو مع كمية كبيرة من الحليب المبخر ورغوة خفيفة، طعمه ناعم وكريمي.

  1. كابتشينو (Cappuccino)

مزيج متوازن من الإسبريسو، الحليب المبخر، ورغوة كثيفة على السطح. غالبًا يُرش عليه كاكاو.

  1. ماكياتو (Macchiato)

إسبريسو مع لمسة صغيرة من رغوة الحليب، طعمه بين القوة والنعومة.

  1. فلات وايت (Flat White)

شبيه باللاتيه لكن برغوة أقل وكثافة أعلى في طعم القهوة.

  1. موكا (Mocha)

مزيج بين الإسبريسو، الحليب، والشكولاتة الساخنة. مثالي لمن يحبون الطعم الحلو.

  1. كافيه أو ليت (Café au Lait)

نصف قهوة مخمرة (عادية) ونصف حليب ساخن. أبسط من اللاتيه.

  1. آيس كوفي (Iced Coffee)

قهوة عادية أو أمريكانو تُقدَّم مع مكعبات ثلج.

  1. آيس لاتيه (Iced Latte)

إسبريسو مع حليب بارد وثلج، منعشة وخفيفة.

  1. آيس كابتشينو (Iced Cappuccino)

نسخة باردة من الكابتشينو مع رغوة خفيفة فوق الثلج.

  1. كولد برو (Cold Brew)

قهوة تُخمر ببطء في الماء البارد لساعات طويلة، بطعم أنعم وحموضة أقل.

  1. فرابتشينو (Frappuccino)

مشروب مخلوط بالثلج، غالبًا مع إضافات مثل الكريمة، الشوكولاتة أو الكراميل.

  1. القهوة الإيطالية (ريستريتو)

جرعة إسبريسو أقصر وأكثر تركيزًا، بطعم قوي جدًا.

  1. القهوة الفرنسية (Café Crème)

تشبه اللاتيه، لكنها تُقدَّم بكوب أصغر مع حليب أكثر كثافة.

  1. سبانش لاتيه

مصطلح متعرف عليه في المنطقة العربية فقط ويعبر عن قهوة الإسبريسو مع الحليب المبخر، بالإضافة إلى الحليب المكثف المحلى الذي يضيف حلاوة مميزة ونكهة فريدة. والذي يمكن إعداده ساخناً أو بارداً

يضاف الى ذلك أنواع القهوة التقليدية والتي كانت سائدة سابقا:

  1. القهوة التركية

قهوة مطحونة ناعمة جدًا، تُغلى مع السكر أحيانًا، بطعم قوي ورغوة مميزة.

  1. القهوة العربية

خفيفة اللون، تُغلى مع الهيل وأحيانًا الزعفران، وتُقدَّم غالبًا مع التمر.

تحضير القهوة في المنزل

حتى تقوم بصنع قهوة متميزة من بن الأرببكا في منزلك تضاهي ما قد تشربه في المقاهي، فهناك طرق عدة لصنع ذلك. لكن عليك أولا أن تتأكد من اختيار بن أرابيكا، وان تقوم بطحنه عند حاجتك لشرب القهوة فقط،، وان تستخدم ماء نقي.  

لصنع كوب قهوة مميز يمكنك استخدام أحد الوسائل التالية:

  • استخدام جهاز اسبريسو لتحضير قهوة نقية خالية من الكافيين وهنا يجب أن يكون معدل الضغط الذي يستخدمه الجهاز اعلى من 9 أمبير وهي طريقة مكلفة لكنها الأفضل. ينبغي طحن القهوة إلى درجة عالية من النعومة عند استخدام الجهاز حتى يتمكن الجهاز من استخلاص القهوة من البن بشكل ممتاز.
  • استخدام آلة ضغط القهوة الفرنسية أو French press وهي آلة غير كهربائية وغير مكلفة تساعد على تصفية البن بطريقة سهلة والحصول كوب لذيذ من القهوة الأصيلة. كل ما عليك هو وضع البن المطحون في أسفل الابريق ثم صب الماء النقي والمغلي عليها، ثم اتركها لمدة أربع دقائق. بعدها يتم ضغط المقبض الأعلى إلى الأسفل لفصل تفل القهوة عن المشروب الذي تم استخلاصه، ثم صب القهوة.
  • استخدام الفلترة من خلال تصفية القهوة عبر فلاتر ورقية شفافة وهو أيضا أسلوب غير مكلف ويفضل هنا استخدام الأدوات اليدوية لضمان الحصول على كوب لذيذ من القهوة. كل ما عليك هو وضع فلتر قهوة على كوب أو إبريق القهوة، ثم وضع بن القهوة على الفلتر وصب الماء الساخن عليه. 
  • استخدام الموكا بوت: وهو جهاز يدوي غير كهربائي يمكن أن ينتج قهوة قريبة جدا الى قهوة الإسبرسو. حيث يتكون الجهاز من ثلاثة أجزاء، جزء اسفل يتم وضع الماء فيه، وجزء اوسط يتم وضع البن المطحون فيه، وجزء أعلى تصعد إليه القهوة المستخلصة. عندما وضعه على النار، تسخن الماء في الجزء الاسفل وعندما تغلي يرتفع الماء إلى الأعلى عبر أنبوب يصل بين الأجزاء الثلاثة، فيتم استخلاص القهوة من خلاله ودفعها إلى الجزء الأعلى، فتكون جاهزة للشرب .

مع ملاحظة أنه ينبغي طحن البن أنيا عند الحاجة لشرب القهوة وهي عملية لا تستغرق أكثر من 13 ثانية عبر أجهزة طحن صغيرة متوفرة في الأسواق حيث أن بن القهوة يفقد عناصره بمجرد طحنه وبالتالي فإن الطعم والرائحة تبدأ بالزوال تدريجيا مما يفقد القهوة ميزتها.

يمكنك متابعة من يقومون بتحضير القهوة  والذين انتشروا في العالم الرقمي لتعرف اكثر، 

وتبقى القهوة لغة الحياة

القهوة ليست مجرد مشروب يرافق بداية اليوم، بل هي شريك صامت في رحلة الإبداع والإنجاز. في عالم الأعمال المليء بالتحديات، تظل القهوة رمزًا للتركيز، ووسيلة للتواصل، وجسرًا يربط بين الأفكار والأشخاص. حول فنجان قهوة تتلاقى الرؤى، وتُبنى الشراكات، وتنطلق المشاريع التي قد تغيّر العالم. إنها الوقود الذي يمنح الإنسان طاقته، واللغة المشتركة التي تجمع المبدعين عبر الحدود والثقافات. ومع كل رشفة، يتجدد الشغف وتُكتب خطوة جديدة في طريق النجاح. 

اشترك في نشرة تَعلُم الرقمية

العالم الرقمي يتغير باستمرار ونحن بحاجة لأن نكون على اطلاع دائم فاشترك معنا ليصلك كل ما يمكن أن يساعدك في رحلتك نحو التحول الرقمي سواء في العمل أو التعليم أو التواصل.

د/عماد سرحان

إستشاري ومتخصص في المعلوماتية وإدارة المعرفة والأتمتة وإدارة المنتجات بخبرة تزيد عن 30 عاما. حاصل على درجة الدكتوراه والماجستير في نظم المعلومات ووهو مدير مشاريع معتمد من معهد إدارة المشاريع PMP وممارس معتمدا لأتمتة الأعمال ومحترف معتمد في إدارة المعلومات CIP من هيئة إدارة المعلومات في الولايات المتحدة الأمريكية AIIM ومؤلف كتاب “سر النجاح في بناء وتأسيس المواقع الإلكترونية” اومؤسس منصة تعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *